الكيمياء وفضل العرب المسلمين


علم الكيمياء


قصة لها دلالتها:
يحكى ان العالم الكيميائي الرازي المتوفي سنة 924 م كان يعتقد أنه توصل الي سر الاسرار والحلم الذي راود العلماء السابقين بتحويل النحاس الي ذهب وقد باع فعلا بعض الذهب الذي صنعه الى جماعة من خبراء الذهب الرومان.. فسفروا به الي القسطنطينية.. وبينما هم في البحر اذ غرقت المركب بهم.. ثم عادوا فاستخرجوا الذهب من قاع البحر فوجدوه قد علاه الصدأ.. فعادوا الى الرازي ورفعوا عليه قضية.. فحكم عليه القاضي بردد ثمن الذهب مضافا اليه ما تكفلوه في استخراجه من البحر. ولكنه برأه سن تهمة الغسش حيث شهدوا أنه أخبرهم مقدما أنه صنع هذا الذهب في معمله الكيميائي وأنة كان يظن مخلصا انه معدن جديد له خصائص الذهب. وقد طلب علماء ذلك العصر من الرازي ان يشرح طريقته في صنع هذه السبيكة الذهبية للعلم والتاريخ فألف كتابه المعروف "سر الاسرار" الذي شرح فيه كيف توصل لأول مرة في تاربخ العلم الى تحضير حامض يذيب الذهب وسماه (الماء الملكي) لأنة يذيب ملك المعادن وهو الذهب.. وبهذه الطريقة استطاع ان يحصل علي ذهب خالص ثم خلط الذهب بالنحاس وصنع منهما سبيكة جديدة لها خصائص الذهب وبذلك كان أول من اكتشف طريقة صناعة السبائك الذهبية.



علم الكيمياء علم اسلامي عربي اسما وفعلا. ولم تعرف كلمة (3) الكيمياء أو يرد ذكرها في أي لغة أو حضارة قبل العرب سواء عند قدماء المصريين أو ا لاغريق.
وفي اللغات الاوربية يكتبونها Al - Chemie ومعروف ان كل كلمة لاتينية تبدأ (بالألف واللام) للتعريف أصلها عربي ومن ذلك Al-Cohol- algibra واسم الكيمياء مشتقة من الكم أو الكمية.. وذلك لان علماء المسلمين الذين اسسوا هذا العلم كانوا يقولون- إذا إضافنا كمية من هذه المادة الى كميتين أو ثلاثة من المادة الثانية نتج كذا. وهذا الاسم في ذاته يدلنا على حقيقة هامة.. وهي ان علماء المسلمين اول من اكتشف نظرية النسبة في اتحاد المواد وذلك قبل الكيميائي (براوست) بخمسة قرون- وتقول هذه النظرية ان المواد لا تتفاعل الا بأوزان ثابتة وهو قانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيميائي).
وقد جاء في كتاب "لسان العرب " لابن منظور أن الكيمياء كلمة عربية مشتقة من كمى الشيء وتكماه: أي ستره. وكمى الشهادة بكميهاكميا وأكماها: أي كتمها وقمعها:
- وشد فسرها أبو عبدالله محمد الخوارزمي المتوفى سنة 387 هـ في كتابه مفاتيح العلوم إذ قال: ان اسم هذه الصنعة كيمياء وهرعربي واشتقاقه من كمى ويكمى: أي ستروأخفى". وهذا يتفق مع ما ذهب اليه الرازي حين سمى كتابيه في الكيمياء "الأسرار" وسر الأسرار!.

الكيمياء قبل الاسلام
كانت الكيمياء عند قدماء المصريين والاغريق صنعة تغلب عليها الاراء النظرية وكان يمارسها الكهان والسحره ولا يعرف اسرارها غيرهم.. وقد عرف قدماء المصريين التحنيط بالمواد الكيميائية.. وعرفوا طريقة حفظ الاغذية والملابس وبرعوا في صنع الالوان الثابتة.. كذلك كان للاغريق اجتهاد في الكيمياء.. فوضعوا نظرية امكانية تحويل المعادن الخسيسة كالرصاص والنحاس والزئبق الي معادن نفيسة كالذهب والفضة. وتقول هذه النظرية ان جميع المواد على ظهر الارض انما نشأت من عناصر اربعة هي النار والتراب والهواء والماء. وان لكل عنصر منها طبيعتين يشترك في احدها مع عنصر آخر.. فالنار جافة حارة والتراب جاف بارد والماء بارد رطب والهواء رطب جاف. وعلى ذلك فمن المحتم انه يمكن تحويل العناصر الى بعضها.. وكان من رأي ارسطو ان جميع العناصر عندما تتفاعل في باطن الأرض وتحت ضغط معين وحرارة فانه ينشأ عنها الفلزات. وتجمع آراء الباحثين على ان جهود الاغريق في الكيمياء " كانت ضئيلة ومحدودة لأنهم درسوا العلوم من النواحي النظرية والفلسفية. وان العرب هم أول من بدأ هذا العلم بدأية جديدة على مبدأ التجربة والمشاهدة. وفي ذلك يقول هولميارد في كتابه ((تاريخ الكيمياء الى عهد دالتون ) لقد حارب علماء المسلمين الألغاز الصبيانية التي كانت مدرسة ألاسكندرية قد ادخلتها على علم الكيمياء وقاموا في هذا الميدان-على أسس علمية جديدة.
هذه القصص وغيرها كثير خير دليل علي مدي ما توصل اليه علماء المسلمين من براعة في علم الكيمياء. 


المسلمون وعلم الكيمياء
ابتدأ المسلمون بترجمة ما كتبه السابقوت في هذا المجال خاصة علماء الاغريق والاسكندرية.. ومن أول من اهتموا بهذا العلم خالد بن يزيد بن معاوية الأموي الذي كان مرشحا للخلافة. فلما لم ينلها صرف همه من السياسة الى العلم واستقدم بعض علماء الاسكندرية ليترجموا له. ولعل السر في هذا الاهتمام المبكر في تاريخ ألاسلام بعلم الكيمياء هو رغبته في الثراء بتحويل المعادن الي ذهب. تم ظهر بعد ذلك شيوخ علم الكيمياء جابر بن حيان (ت 810 م) ثم الرازي (ت 932 م) وقد وضع هذان العملاقان اسس علم الكيمياء الحديثة وحولوه من النظريات والآراء الافلطونية الى علم تجريبي له قواعد راسخة. وله أهداف عملية نافعة وله معامل لها شروط. وبعد جابر والرازي ظهر عشرات العلماء الفطاحل الذين طوروا هذا العلم امثال ابن سينا والبيروني والجلدكي. ويمكن تلخيص قواعد الكيمياء عند المسلمين في النقاط التالية.



لم تعد صنعة الذهب الهدف الوحيد لعلماء المسلمين فقد استعملوا علم الكيمياء في الصيدلة وصناعة الادوية الكيميائية لأول مسرة في التاريخ كما استعملوه بتوسع في الصناعة وفي الحرب وفي السلم.
ثانيا: المعمل
وقد جاء في وصف معمل جابر بن حيان الذي عثر عليه العالم (هولميارد): في الحفريات والكوفة: "انه موجود في قبو تحت الأرض.. وذلك للتحكم في درجات الحرارة وفيه قليل من الاثاث لتجنب الحريق.، وفيه موقد كبير واجهزة مختلفة زجاجية ونحاسية ومن أهمها.. القوارير والاقماع والمناخل والمصافي والاحواض واجهزة التقطير والقطارات والانابيب وهناك ايضا انواع الهاون والكرات المعدنية للسحق والصحن وهناك الموازين الدقيقة" كما عثر فيه على هاون من الذهب الخالص زنته مائتا رطل. ويعتبر الرازي الذي جاء بعد جابر بقرن من الزمان اول من وضع القواعد الرئيسة لمعامل التحليل الكيميائي فقد ابتكر اكثر من عشرين جهازا جديدا منها المعدني ومنها الزجاجي وقد وصفها جميعا وصفا دقيقا في كتابه (الاسرار).
ثالثا: التجارب العلمية
يجمع مؤرخو العلوم على ان فضل العرب على العلوم (6) في تبنيهم لمبدأ (التجربة والمشاهدة قبل اصدار الرأي) وكان جابر بن حيان يوصي تلاميذه بالاهتمام بالتجارب العلمية وعدم التعويل الاعليهامع التدقيق في الملاحظة ومن وصاياه في ذلك "وأول واجب ان تعمل وتجري التجارب لأن من لا يعمل ويجري التجارب لا يصل الى ادني مراتب الاتقان فعليك يا بني بالتجربة لتصل الى المعرفة".
رابعا. صفات الكيميائي
يوصي جابر بن حيان الكيميائي بالاتي:
أ- كن صبورا ومثابرا ومتحفظا وصامتا.
2- تجنب المستحيل وما لا فائدة منه.
3- لا تغتر بالظواهر لان هذا يؤدي بتجربتك الى نتيجة خاطئة. 
4- ما افتخر العلماء بكثرة العقاقير ولكن بجودة التدبير.
"فعليك بالرفق والتأني وترك العجلة واقتف اثر الطبيعة فيما تريده من كل شيء".
5- يجب ان تكون متفرغا للتجربة منذ بدايتها حتى لا يفوتك أي تغييرطفيف قد تستخلص منه نتائج كبيرة. 


خامسا: العمليات الكيميائية واهمها:
ا- التقطير
ويتكون الجهاز من إناء توضح به المادة المراد تقطيرها على النار ويصعد البخار في الانبيق ثم يدخل في قابلة التقطير.. وبذلك يمكن فصل المواد في صورتها النقية وبعض المواد كان يعاد تقطيره خمسين مره حتى يحصل على جوهرة النقي.
2- الملغمة
وهي ذوبان المعادن في الزئبق ثم استخلاصها بواسطة التصعيد ولا تزال هذه الطريقة مستعملة في استخلاص الذهب.
3- التسامي
لفصل الجسم الطيار بتسخينه حتى يتكاثف بخاره إلى مادة صلبة دون المرور عاى الحالة السائلة.
4- التبلور وذلك للحصول علي بلورات نقية مثل بلورات الشبة والملح.
5- الترشيح بواسطة المناخل أو قطع القماش أو الورث.
ومعظم هذه العمليات ابتكار عربي ولم تكن معروفة للاغريق.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق